9- موسى (الشيخ موسى) محمد خليل محمد صنع الله الخالدي - الطبقة
الثالثة
1767 - 1832 م
شيخ عالم، تولى القضاء في القدس ثم في المدينة المنورة حتى ارتقى
الى رتبة الوزارة العلمية وهي وظيفة قضاء عسكر الاناضول في عهد
السلطان محمود الثاني الذي جعله اقرب مقربيه.
هو اخو علي افندي رئيس الكتاب في محكمة القدس الشرعية ، ولد ليلة
الثلاثاء 16 أب 1767 وترعرع في بيت مشهور بالعلم. درس على والده
واخذ العلوم على يد كثير من علماء القدس البارزين في ذلك العهد
منهم الشيخ محمد البديري. كما اجازه في الطريقة
الخلواتية والقادرية الشيخ كمال الدين الصديقي ابن الشيخ مصطفى
البكري وخليفته الشيخ محمد أفندي ابو السعود، ورث اخاه الاكبر على
رئاسة الكتاب عن والده وتعين كاتبا في المحكمة الشرعية سنة 1784.
وكانت الوظيفة المذكورة دون طموحاته فسافر الى مصر ودرس في الازهر
ثم تعين قاضيا فيها.
عاد موسى افندي الى القدس قبيل الحملة
الفرنسية وتعين رئيس كتاب المحكمة الشرعية ونائب الحاكم الشرعي
فيها، وأيام الغزو الفرنسي بقيادة نابليون بونابرت كان في وظيفته تلك،
ويقول احمد الخالدي في كتابه "اهل العلم والحكم في ريف فلسطين" أنه
ارسل منشورا الى أهالي البلاد من الاستانة يحثهم على مقاتلة
بونابرت. ومن المعروف ان
موسى افندي ادى دورا لاحقا في التحريض على
غزوة ابراهيم باشا بن محمد علي باشا الكبير لفلسطين وبلاد الشام سنة
1831 - 1832م حيث كان وقتها قاضيا لعسكر الاناضول في الاستانة.
فيما يخص الغزوة الفرنسية، فقد حدث بسبب انقطاع الطريق بين القدس والاستانة، ان عينه احمد
باشا الجزار قاضيا شرعيا في القدس بتاريخ 10 حزيران سنة
1799م.
وهناك
منشور لبونابرت الى الجزار باشا يدعوه فيها الى ترك القتال ومسالمة
الفرنسيين والتحالف معهم ضد المماليـك والانجليز. وهو يقول في
لهجة ذات مغزى : " ما دام الله تعالى هو
الذي يمنحني النصـــر فاني اود ان اتبع مثاله الكريم فأكون رحيما
لا بالاهالي وحدهم وانما بحكامهم ايضا .
وفي صورة لمنشور اخر ضمن محفوظات المكتبة القومية بباريس، نجده
يهدد شيوخ وعلماء مدينة
القدس حيث أكد بونابرت بعد البسملة: انه دمر المماليــك وقوات الجزار
واجلاهم عن غزة والرملة ويافا، وانه لا يعتـزم مطلقا أن يحارب
الاهالي لانه صديق للمسلمين. ثم قال في انذار حاسم ان أمام سكان
القــدس أن يختاروا بين السلم والحرب. فان اختاروا الاولى،
فعليهم ان يبعثوا الى معسكــره في يـافا بمندوبين ليتعهدوا بعدم
القيام ضده. وان كانوا من الحمق بحيث اختاروا الثانيـة فسوف
يذيقهم طعمها! ويجب ان يعرفوا انه مخيف كالنار لمن يعاديه.
(4)
اقراء منشور
بونابرت
بعد الانسحاب الفرنسي واستقرار الامور، عاد موسى افندي الى رئاسة كتاب
المحكمة الشرعية ونيابة قاضيها مدة سنتين ثم فرغ عن وظيفته لاخيه
علي أفندي. وسافر الى الاستانة واتصل بالعلماء وشيخ الاسلام فتعين
في وظائف القضاء حتى تولى قضاء المدينة المنورة. ثم رجع الى القدس
وتعين للقضاء فيها لفترات متقطعة. ثم رجع الى الاستانة ثانية حتى
تعين قاضي عسكر الاناضول. وكان موسى افندي عالما محققا ومصنفا
مدققا فأجله العلماء وقربه السلطان محمود الثاني في الفترة
التي كان فيها بحاجة لتعاون العلماء من أجل القضاء على الانكشارية،
ولاجراء الاصلاحات في الدولة ومؤسساتها.
وامام زحف جيش محمد علي باشا على فلسطين في أواخر 1831 واندحار جيش
الدولة العثمانية، فقد اتصل بعلماء القدس واعيانها وحرضهم
على جيش محمد علي. ولما توقف الجيش المصري شهورا امام اسوار عكا
خاف ابراهيم باشا من عواقب الموقف في القدس وكان عمر النقيب
الحسيني من ابرز اعيان القدس واوسعهم نفوذا في المنطقة صهره متزوجا
من ابنته رقية. فاعلن موقفه المعادي لمحمد علي والمؤيد للسلطان.
فتخوف ابراهيم باشا من نشوب ثورة في جبال القدس يشترك فيها اعيان
المدينة ومشايخ الريف من ال السمحان وال ابو غوش، ولكن سقوط عكا
وتقدم الجيش المصري لفتح دمشق وبقية بلاد الشام، قطع الطريق على
مثل تلك الخطوة. وقد ارسل السلطان محمود الثاني موسى افندي للفصل في
حادثة مهمة وقعت بالقرب من انطاكية سنة 1832، فدفن بها بعد ان مات
مسموما.
كان موسى افندي ذا خط حسن وعقل راجح في الفقه، له فيها رسائل تدل على
طول الباع، كما كانت له يد طولى في الفلك، وقد ترك وقفا كبيرا في
القدس حبسه على اولاده وذريته، ولم يخلف من الذكور سوى
ولده مصطفى حامد وهو جد يوسف ضياء باشا لامه. (1) انظر وقفه
|