• يوسف ضياء باشا ينتقد السلطان والموظفين الفاسدين بالبرلمان التركي سنة 1877

22- يوسف ضياء باشا محمد علي " السيد " علي محمد خليل محمد صنع الله الخالدي  ط الخامسةيوسف ضياء

1842- 1906

رئيس بلدية القدس ونائبها في مجلس المبعوثان الاول 1877. سياسي قدير وخطيب جريء ناصر الاصلاح والدستور وعارض السياسة الحميدية. كاتبا مثقفا منفتحا على الحضارة الاوروبية، تنبه الى اخطار الحركة الصهيونية، وكتب في ذلك الى زعمائها وعلى رأسهم هرتسل. وبالجملة فهو احد ابرز الاعلام الفلسطينية الافذاذ في تاريخ فلسطين في العهد العثماني.

هو يوسف ضياء الدين بن محمد علي قاضي مرعش وأرضروم الذي مرت ترجمته معنا، وحفيد موسى الخالدي قاضي الاناضول من ناحية الام. طلب العلم صغيرا في جوار الاقصى واراد اتمامه في الازهر ولكن والده رتب له عن طريق مطران الكنيسة الانجيلية في القدس ان يدرس في الكلية البروتستانتية في مالطا، فبقي مدة سنتين حتى تدخل اخوه الاكبر ياسين ونقله  الى الاستانة لدراسة الطب. ولكنها لم تستهوه فتركها بعد سنة واحدة والتحق بكلية روبرت كوليديج الامريكية للهندسة وقد تأسست سنة 1863، وبقي بها سنة ونصفا ترك الدراسة بعدها بسبب وفاة والده وعاد الى القدس. وقد شاهد في الاستانة افتتاح المدارس الحديثة ونمو حركة الاصلاح فحاول تطبيق ذلك في القدس. ونجح سنة 1867 - 1868 بمساعدة راشد باشا والي سوريا بانشاء اول مدرسة رشيدية في القدس بعد جهود كبيرة، ولكن خاب امله لانه لم يتعين مديرا للمدرسة التي تسلم زمامها تركي جيء به من استنبول .

 وعرض عليه منصب رئيس بلدية القدس فقبله وتقلده مدة ست سنوات. فنفذت في عهده مشاريع عديدة لتطوير المدينة مثل اصلاح وانشاء الشوارع، ومد شبكة المجاري وتعبيد طريق صالحة لسير العربات بين القدس ويافا بالتعاون مع متصرف القدس. ولكنه اختلف مع كامل باشا متصرف القدس الجديد، وبتدخل من والي سوريا عزل عن منصبه.

في بداية سنة 1874 تعين صديقه راشد باشا من حزب الاصلاح وزيرا للخارجية، فدعاه الى الاستانة كي يعمل ترجمانا في الباب العالي. وعمل في وظيفته تلك ستة شهور تعين بعدها نائبا للقنصل العثماني في بوتي  الميناء الروسي على البحر الاسود، وعندما اقصى راشد باشا عن وزارة الخارجية خسر الخالدي منصبه ، فاراد ان يتعرف على البلاد الروسية وقام بزيارة طويلة الى تلك البلاد مر خلالها باوديسا وكييف وموسكو ثم بطرسبورغ ومنها في نهاية كانون الثاني 1875م، الى فيينا حيث كان راشد باشا سفيرا لبلاده، وهناك بمساعدته حصل على وظيفة مدرس اللغة العربية بمدرسة اللغات الشرقية .

وفي تلك الفترة من شبابه أظهر اهتماما بالامور السياسية وشؤون الطوائف الدينية في القدس، وعلى رأسها الطائفة اليهودية . ففي شهر آب سنة 1875 كتب من فيينا رسالتين عن اوضاع اليهود في القدس نشرتها جريدة الجويش كرونيكال البريطانية يعقب في الاولى على تقارير مراسل الصحيفة عن اوضاع اليهود الصعبة في القدس وكان عددهم انذاك 15 الفا ، اما رسالته الثانية فبمناسبة زيارة الصهيوني الثري موزس مونتفيوري الى فلسطين وفيها ينصحه بمساعدة طائفته عن طريق بناء المدارس، ليتعلموا صنعة مثمرة ولا سيما الزراعة فيعيلون عائلاتهم بشرف بدل انتظار اموال الجباية السنوية وتوزيعها عليهــم "حلوكاه"

في اب 1875 عاد الخالدي الى القدس لترتيب بعض الامور العائلية، ولكن اقامته امتدت فتأجلت عودته الى فيينا واختير مرة اخرى لرئاسة البلدية. وفي بداية سنة 1877 اختاره مجلس ادارة القدس نائبا عن المتصرفية في مجلس المبعوثان العثماني، ونافسه على المنصب عمر فهمي الحسيني ولكنه فاز عليه بنسبة ثمانية الى اربعة.

عضويته في البرلمان

كان الخالدي النائب الوحيد عن فلسطين في اول برلمان عثماني، وواحدا من اربعة عشر عضوا عربيا من بين اعضائه المائة والعشرين وخلال الدورتين القصيرتين لذلك المجلس في 1877 - 1878 ثبت انه نشيط ومتحمس لفكرة الدستور والاصلاح، وقد برز في مقاومته ونقده سياسة السلطان عبد الحميد وازدراؤه الدستور. وقد تنبه الى مواقفه الجريئة مراسلو الصحف فنشروا تصريحاته ونبذا من اقواله في البرلمان وفي 13 ايار وصفه يوجين شيلر القنصل الامريكي في العاصمة العثمانية بقوله "اثار يوسف باشا زوبعة في البرلمان بجرائته وفصاحته ولدهشتي انه يتكلم الانجليزية والفرنسية بطلاقة. يوسف ضياء ليبرالي مثل جمهوري فرنسي في السياسة والدين. ورغم كونه مسلما فانه اختار العيش داخل دير يوناني. انه ينتقد السلطان والموظفين الفاسدين والاتراك بشكل عام بالفاظ فظة وليس هذا بغريب فهو عربي والعرب لا يحبون الاتراك.

ولكن السلطان عبد الحميد الذي ضاق ذرعا بالبرلمان والدستور ونقد المعارضة لسياسته حل البرلمان في 13 شباط 1878 وبعد يومين في15 شباط تقرر نفي عشرة اعضاء بارزين من المعارضة على رأسهم يوسف الخالدي وركب اعضاء البرلمان السفينة فارس النمساوية التي غادرت استامبول في  20 شباط.

وصل الخالدي ميناء يافا في 14 اذار ومنها الى القدس فتسلم رئاسة البلدية مرة اخرى وفي تشرين الاول سنة 1878 ارسله رؤوف باشا على رأس أربعين فارسا لاحلال النظام في الكرك، وكان المتصرف يخطط لاقصائه، وفي خريف سنة 1879 واتته الفرصة لذلك حيث جرت انتخابات لمجالس الادارة والمحاكم المحلية . فابعد عن رئاسة البلدية وعين مكانه عمر فهمي الحسيني، فسافر مرة اخرى الى فيينا حيث صدر له في السنة التالية ديوان لبيد العامري الشاعر المخضرم الذي عمل على جمعه حين درس العربية في مدرسة اللغات الشرقية، وقد اعتمد المستشرق الالماني هوبر تلك الطبعة في نقل شعر لبيد الى الالمانية سنة 1891.

في سنة 1881 عاد الى فلسطين وتعيين قائمقاما في يافا، ثم بمرجعيون في السنة التالية، وبعدها تعين حاكما عاما على مقاطعة مولطكي في الشمال الغربي من تبليس الواقعة في الشمال الشرقي من تركيا، وهناك اتقن الكردية فوضع قاموسا اسماه التحف الحميدية في اللغة الكردية صدر في الاستانة سنة 1893. ويظهر انه كان تصالح مع الباب العالي والسلطان عبد الحميد فعاد للعيش في الاستانة. وقد ذكره السياسي والكاتب البريطاني امري في مذكراته "حياتي السياسية" ص 69 حيث يقول ان يوسف ضياء كشاب متحمس، تمتع في الماضي بحرية واسعة في البرلمان في نقد الدولة وسياستها وذلك يعود الى انه بداء حياته في بيت عزت باشا سكرتير السلطان عبد الحميد وحتى في قصر السلطان وبحضوري كان يوسف ضياء الصريح يردد على مسامع الباشا الحديث عن شرور نظام عبد الحميد وهذا يسمعه بخنوع ويطلب منه فقط الا يرفع صوته عاليا . كما قال عنه السياسي البريطاني المذكور في كتابه ان هذا الباشا العجوز ( سنة 1896م ) كان لطفه وكرمه يغمران حتى الجواسيس الذين يترقبون خطواته خارج بوابة داره .

وقد تردد يوسف ضياء على مجلس الشيخ جمال الدين الافغاني في تلك السنوات حتى توثقت بينهما عرى الصداقة.

يوسف ضياء والصهيونية

اظهر يوسف ضياء اهتماما بالغا في امور السياسة والحكم، وايد الاصلاح والتطوير خاصة في موطنه القدس، وبعد المؤتمر الاول للحركة الصهيونية ومحاولاتها المنظمة تطبيق المشروع الصهيوني على ارض فلسطين تنبه الخالدي الى هذا الخطر، وكتب في الاول من آذار سنة 1889 رسالة الى تيودور هرتسل بواسطة حاخام الطائفة اليهوديه في فرنسا واحد زعماء الحركة الصهيونية " صدوق كاهن " وجاء في رسالته :ان  الصهيونية نظريا فكرة طبيعية وعادلة تماما كحل للمشكلة اليهودية ولكن لا يمكن التغاضي عن حقائق الواقع التي يجب اخذها بالحسبان. ففلسطين تكون جزءا لايتجزأ من الامبراطورية العثمانية وهي مأهولة اليوم بغير اليهود . ويقدس هذه اكثر من 390 مليون مسيحي وثلاثماية مليون مسلم، فبأي حق يطالب بها اليهود لانفسهم ؟ ان الاموال اليهودية لن تستطيع شراء فلسطين، ولذا فان امتلاكها لن يكون الا بقوة المدافع والسفن الحربية . ان الاتراك والعرب يعطفون على اليهود بشكل عام. ولكن هناك منهم من اصيبوا بحمى الكراهية لليهود مثلما حدث في ارقى الشعوب المتحضرة، كما ان المسيحيين العرب لا سيما الكاثوليك والارثوذكس يكرهون اليهود بشدة. لذا حتى لو حصل هرتسل على موافقة السلطان عبد الحميد على المخطط الصهيوني فان عليه الا يفكر انه سيأتي يوم يصبح فيه الصهيونيون اسياد هذه البلاد.

ومن الضروري من اجل سلامة اليهود في الدولة العثمانية ان يتوقف تنفيذ المخطط الصهيوني عمليا. ان العالم واسع الارجاء وفيه كثير من البلاد غير المأهولة التي يمكن اسكان ملايين اليهود المساكين فيها، ولعلهم  يجدون فيها السعادة والحياة الامنة كشعب. وقد يكون هذا الحل الامثل للمشكلة اليهودية ، فبحق الله اتركوا فلسطين بسلام.

ورد هرتسل على رسالة الخالدي في 19 آذار سنة 1899. فاقترح في رسالته ان يعيش اليهود بسلام في الدولة العثمانية مقللا من الصعاب والمشكلات التي قد تثور مع العرب. ثم اضاف "ان الصهيونيين لا ينوون تجريد العرب من املاكهم بل العكس سوف يثرون من جراء ادخال الاموال اليهودية للبلاد " ويظهر ان هرتسل حاول ان يوسط الخالدي عند السلطان عبد الحميد على الخطة الصهيونية ولذا فقد انهى رسالته بقوله" اذا لم يوافق السلطان عبد الحميد على الخطة الصهيونية لتمويل ديون الامبراطورية العثمانية، فان الصهيونيين سيذهبون الى بقعة اخرى من العالم"

توفي يوسف ضياء الخالدي سنة 1906م في العاصمة العثمانية استنبول، وقد ظل حتى اخر ايامه مثل صديقه الافغاني مراقبا تحت عيون السلطان عبد الحميد، وقضى يندب حركة الدستور والاصلاح التي نشأت معه وآمن بها حتى آخر ايامه .   (1)


 
انظر مراسلاته

 

 

 

تولى يوسف ضياء باشا الخالدي رئاسة بلدية القدس 6 سنوات نفذت في عهده مشـــــــاريع  اهمها تعبيد طريق يافا القدس، ولكنــــه عزل  سنة 1868  بسبب خلافه مع  كل من كامــــل باشا متصــرف القــــدس الجـــــديد، ووالي سوريا 

 

يوسف ضياء باشا الخالدي يتحدث  في رســالة عن جمع مجلس المبعوثان سنة 1878 وينتقـــد المحيطيــــــــن بالسلطان العثماني ويتوقـــــع نهــاية الـدولة الروسيــة التي يقول انها وشيكة الانحلال

 

يوسف ضياء باشا الخالدي يحدث كارلو دولنبرغ  قونصول دولة الســـــــــــويد في مصر عن كتابه الفتــح القدســـــــي  سنة 1882

 

كتاب من ناظر الخارجـية بمصــــر ليـــوسف  ضياء باشـا الخـــــــالدي بصفته قائم مقام غزة سنة 1882

             

 

 

 

رسالة من حافظ بيك السعيد ليوسف ضــــياء باشا الخالدي قائمقام يافا سنة 1884 يشكو من زيادة عــدد العائلات اليهودية خلال سنتيـــن من عشرة الى 1500 عائلة، ويعزي ذلك الى عدم دقة البوليس كما يتحــــدث عن نشـاطات الممول اليهودي روتشيلد

 

 يوسف ضياء باشا الخالدي قائمـقام جـــــــــبل الدروز  يشكو للامير مصطفى أرسلان  قساوة اطباع بنـى معروف في جبل لبنـان سنة 1894

 

رسالة من محمــد رؤوف شـريف والي ولاية تبليس الى يوسف ضيــــــاء باشا الخالدي حاكم عام  مقاطعة مولطـكــــي التي تقع في الشمـال الغربي من تبليـس شمال تركيا سنة 1885 

 

يوسف ضياء باشا الخالدي يرصــــد سيــــاسة الامريكيين  (الامريكادار) عبـــــــر الجــرائد الامريكية انديانا بوليس جورنال في 16 اغسطــــس ونيويورك ورلد في 19 من نفـــــس الشهر سنة 1890

 

           

 

 

 

رسالة من والي سـوريا الى يوسف ضيــــاء باشا الخالدي قائمقــــام جبـــل الدروز يطلب بها ارسال قوة لجــبل حوران  سنة 1890 

 

يوسف ضياء باشا الخالدي يشـكر قنصـــــــــل جنرال دولة روسيا في سوريا لمساعـدته بنشـر كتابه الهدية الحميدية  سنة 1894

 

رسالة في الادب من يوسـف ضياء باشا الخــالدي لادوارد  سيجا مدير المكتـــب الشرقي الامبراطوري الالمـــاني فـــي 21/3/1897

 

رسالة يوسف ضياء باشا الخــــالدي الشهيرة التي ارسلها الى يوســــف  زادوك حاخام  فرنسا الاكبـر  لتصل الى ثيودور هرتسل مؤسس الحركة الصهـيونية بخصوص فلسطيــــــن سنة 1899.

             
             
             
             

 

 الصفحة السابقه     الصفحة التاليه     صفحة البدايه